من هنا اجعل موضوعك تحفه فنيه لاجبار المشاهد على قرأته كاملا

من طرف مسلمه الخميس يوليو 22, 2010 4:33 am

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم سيدنا محمد الهادي إلى صراط مستقيم والداعي إلى

دين قويم وعلى سائر النبيين وآل كل وسائر الصالحين وبعد :

للشريعة الإسلامية أحكاما أخذت من مصادرها وهي :

(( المتفق عليها )) : القرآن الكريم – السنة الشريفة – الإجماع – القياس.

(( المختلف فيها )) : الاستحسان – المصالح المرسلة – العرف – قول الصحابي – شرع من قبلنا – سد الذرائع

– الاستصحاب.

وبالتالي لم تكن الشريعة الإسلامية وليدة لأمور محلية أو ظروف أحاطت بمجتمع ما في زمن معين فتكون صدى

لها كما أنها تحررت من قيد الإرادة الإنسانية ودوافعها التي تؤدي إلى الاستجابة للأهواء والمصالح الشخصية

فيعمم الظلم والجور والهوى و التسلط .

لا...بل التشريع الإسلامي سماوي الأصول فطري النزعة يتصل بالفطرة الإنسانية . قال تعالى :

" فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها " ( الروم / 30 )

· أهداف التشريع الإسلامي :

1- إخراج الناس من دواعي الهوى و شطط النزع إلى مصالحهم الخاصة وأنانيتهم وأغراضهم.

2- صون مصالح الخلق من العبث والأنانية.

3- تخليص الخلق من وطأة الجور في الحكم والتبعية الفردية.

وقد جعل الإسلام أساس تشريعه لله وحده , قال تعالى : " ان الحكم إلا لله " (الإنعام / 57)

ويتجلى هذا المصدر السماوي بالقرآن الكريم وان بقية المصادر تابعة للقرآن أو مبنية وكاشفة لحكم الله وليست

منشئة له فالمسلم لا يقبل إلا حكم الله تعالى,

قال الشافعي رضي الله عنه : ( ان الأحكام لا تؤخذ إلا من نص أو من حمل على نص ).

المصدر الأول : القرآن الكريم:

القرآن : لغة : مصدر قرأ ومعناه الضم والجمع.

عند الأصوليين : كلام الله المنزل على نبيه محمد باللفظ العربي المتعبد بتلاوته المتحدي بأقصر سورة منه المنقول إلينا

بالتواتر.

· تفصيل :

- كلام الله : وبذلك يخرج كل كلام سوى كلامه سبحانه على ان يسمى قرآنا كالحديث النبوي الشريف.

- المنزل على نبيه محمد باللفظ العربي : فيخرج المنزل على غير محمد مثل المنزل على موسى , ويخرج المنزل بغير

العربية مثل الإنجيل والتوراة...

- المتعبد بتلاوته : فتؤجر على تلاوتك للقرآن بمجرد التلاوة ولو بدون نية.

المتحدي ولو بسورة منه : واقصرها الكوثر وهي مؤلفة من ثلاث آيات وعلى هذا فكل ثلاثة آيات من القرآن هي متحدى

بها.

- المنقول إلينا بالتواتر : أي انه قد نقله جمع عظيم غفير لا يمكن تواطؤهم على الكذب ولا وقوع الخطأ منهم صدفة ,

وهذا الجمع الضخم ينقل القرآن عن جمع مثله وهكذا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم , مما يفيد العلم اليقيني

القاطع بأن القرآن هو كلام الله المنزل على خير خلقه محمد حتى اعتبر اصح وثيقة عرفها الإنسان...قال تعالى :

"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " ( الحجر / 9)

· نزول القرآن : نزل القرآن على ثلاثة تنزلات :

- أولها : نزوله إلى اللوح المحفوظ , قال تعالى : " بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ " ( البروج / 21-22)

- الثاني : النزول إلى بيت العزة في السماء الدنيا جملة واحدة.

- الثالث : النزول على قلب النبي صلى الله عليه آله وسلم مفرقا على ثلاث وعشرين سنة .

· ولنزول القرآن منجما أي مفرقا حكم كثيرة ومنها :

- قال تعالى : " وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلتاه ترتيلا ولا يأتونك بمثل إلا

- جئناك بالحق وأحسن تفسيرا " ( الفرقان / 32 – 33 ).

- وقال تعالى : " وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا " ( الإسراء / 106 )

· حفـــــــــظ القرآن وجمعــــــه :

كان صلى الله عليه وآله وسلم كلما نزلت آية أو آيات يدعو كتبة الوحي فيملي عليهم فيحفظون ويكتبون ولم ينتقل صلى الله عليه

وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى إلا والقرآن محفوظ في صدور الحفاظ وصحف الكتّاب ولم يجمع القرآن على عهده صلى الله عليه

وآله وسلم في مصحف واحد.

فان قيل : لماذا لم يجمع القرآن في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ؟

فالجواب : لسببين :

أحدهما : ترقب نزول الوحي.

والثاني : قصر المدة بين آخر ما نزل وبين انتقاله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى (11 للهجرة) فقد كانت تسع ليال

على القول الراجح.

ولكن تم جمع القرآن في مصحف واحد في عهد سيدنا أبي بكر رضي الله عنه بعد ان تنبه سيدنا عمر رضي الله عنه على ذلك اثر

استشهاد سبعين من الحفاظ للقرآن الكريم من الصحابة في موقعة اليمامة ( 12 للهجرة ) فطلبا من سيدنا زيد بن ثابت رضي الله

عنه تتبعه فانطلق يجمعه من صدور الرجال ومن الرقاع التي كان مكتوبا عليها وسعف النخل وغير ذلك , وأما شروط الكتابة فهي :

وكان لا يقبل كتابة آية حتى يشهد عليها شاهدين انه سمعها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكتبها بين يديها فكان

الجمع الأول وتم حفظ المصحف عند أبي بكر مدة خلافته ثم عند عمر مدة خلافته ثم عند أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله

عنهما. وفي عهد سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه تنبه سيدنا حذيفة رضي الله عنه حينما كان يحارب في أرمينيا وأذربيجان (25

للهجرة ) اختلاف الناس في لهجاتهم فأشار على عثمان فأقره وكلف ( زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن

هشام وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم ) ان يقوموا بكتابة نسخ عن النسخة الأصلية فتم ذلك ونسخوا ستة مصاحف ونشروها

في الأمصار لكل مصحف ومعه قارئ وأمر عثمان ما سواها من الصحف فأحرقت.

فان قيل : كيف يحرق عثمان ما تبقى من صحف القرآن ؟

فالجواب : لإزالة جذور الخلاف ومنابته , قال عثمان :"إنما منعتكم من الاختلاف..".

وقد استجاب الصحابة الكرام كلهم بما فيهم عبد الله بن مسعود كما ثبت بالأدلة القاطعة (1), وقال أيضا سيدنا علي رضي الله

عنه وكرم وجهه :" لو وليت ما ولي عثمان لعملت بالمصاحف ما عمل " (2).

· ما الذي يلزمنا بالأخذ بالقرآن ؟ أو ما حجيـــــــة القرآن ؟

القرآن حجة واجب إتباعه لأنه كلام الله ثبت نقله إلينا بالتواتر الذي يفيد العلم اليقيني والبرهان على حجيته : إنما هو إعجازه..

ومعنى الإعجاز : نسبة العجز إلى الغير وإثباته له والمراد منه : إظهار صدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دعوى الرسالة

ولا يتحقق الإعجاز إلا بتوافر ثلاثة شروط :

- أحدها : التحدي : وقد تحدى الله تعالى العرب أجمعون على ان يأتوا بسورة من مثله ولم ولن يأتوا بمثله..قال تعالى

- شأنه وتعاظم سلطانه : " وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداؤكم من دون الله

- ان كنتم صادقين فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين " ( البقرة / 23 )

- وثانيها : وجود المقتضي للمعارضة : إذ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ادعى انه رسول من الله تعالى وجاءهم

- بدين يبطل دينهم واحتج على دعواه بالقرآن وتحداهم ان يأتوا بمثله مما كانوا اشد حرصهم على ان يأتوا بمثله ليبطلوا

- انه من عند الله وبذلك يدافعون عن دينهم.

- وثالثها : انتفاء المانع للمعارضة : لأن القرآن عربي من أحرف العرب وعباراتهم وعلى أسلوبهم وهم أهل البلاغة والبيان

والفصاحة.

· ومن وجوه إعجاز القرآن الكريم :

- اتساق عباراته ومعانيه وأحكامه : قال تعالى : " أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا " (

- النساء / 12)

- بلاغة ألفاظه وفصاحة عباراته : قال أنيس اخو أبو ذر رضي الله عنه وكان من الشعراء : " سمعت قول الكهنة فما هو

- بقولهم وقد وضعته على أقوال الشعراء فلم يلتئم على لسان احد بأنه شعر والله انه لصادق – يقصد النبي صلى الله

- عليه وآله وسلم – والله إنهم لكاذبون – أي الكفار- "

- إخباره عن مغيبات القرون الماضية وإخباره عن المغيبات المستقبلية وفيه أمثلة كثيرة. (3)

- اتفاق ما جاء به مع الحقائق العلمية المكتشفة ( اليقيني من العلم ) رغم انه نزل هاديا.

- أحكامه منظمة وشاملة: حيث اشتمل على الأحكام التالية : ( الاعتقادية – الأخلاقية – العملية وتقسم إلى عبادات

ومعاملات ) .

فهذا كلام الله نقل إلينا من الله عن طريق سيدنا جبريل عليه السلام الذي نزل به على قلب محمد صلى الله عليه وآله

وسلم ومن ثم نقله صحابته العدول – وكلهم عدول – بجمع عظيم عن جمع مثلهم حتى وصلنا بطريق قطعي لا يمكن الطعن

بصحته فعلينا حفظه فحفظه فرض كفاية أمّا ما تصح به الصلاة فهو فرض عين..!

وأخيرا وصية : " وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا "

وسنتابـــــــــــــــــع البقية إن شاء رب العزة تبارك وتعالى

وصلى الله على رسول الله والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) : راجع المصاحف لابن أبي داود تحت عنوان " رضا عبد الله بن مسعود بجمع عثمان..."
(2) : المصاحف لابن أبي داود ص 29-30
(3) : راجع الروم / 1-2-3 , الأنفال / 7 , الفتح / 27

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجــــع :

- أصول الفقه الإسلامي للدكتور إبراهيم سلقيني
- تاريخ الفقه الإسلامي ومصادره للدكتور أسامة حموي
- علوم القرآن للدكتور نور الدين عتر.