لا مكان يتسع للحب
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
لا مكان يتسع للحب
((الحب شفافية مطلقةٌ في الإحساس المرهف))
صمتٌ يلف صقيع الغرفة... تسلل من سريره، أنفره البرد، فرك يديه وتساءل ما هذه الليلة الباردة؟.. ربما الريح العاصفة قطعت سلك الكهرباء، دافعٌ ما أيقظه من كوابيس نومه.. مدّ خطواته على مهلٍ حتى لا يزعج أحداً.. تلمّس الطاولة الخشبية، أخرج شمعةً. أضاء نورها الباهت المكان، حاول أن يشعل المدفأة.. نقر على وعاء المازوت.. سمع طنين فراغه، تمتم بشتائم ثم ركل المدفأة بقدمه ((حتى أنتِ)) تناول غطاءً سميكاً وضعه على كتفيه، جلس خلف الطاولة، فتح الدرج الأخير ((زمان لم يكتب)) أخرج أوراقاً... نفض عنها غباراً رمادياً... فرشها على الطاولة... وقبل أن يبدأ الكتابة دخل المطبخ، أراد أن يجهّز قهوته، أشعل الموقد... وعاد إلى الطاولة والورق... لغتي هي لغتي التي أريدها متوهجة... ((تجتاز خوف الأمكنة وعقبات الأزمنة القلقة بخطواتٍ ثابتة))، تنبض بداخلي، أحمّلها مشاعري وأشيائي اللصيقة بي!!
تتدفق كنهرٍ يتمرّد على بقايا الوحل والطحالب السامة.. يجري ماء دافقاً.. يخترق مدن الصمت.. يغسل حزن ناسها، يرسم عليها ضحكاتٍ غابت طويلاً!! يُعلن عن ولادات جديدة للحروف الممكن أن يُباح بها على بياض الورق.. كم تناقلته محطات مغبّرة واجتاز آلاف الكيلو مترات للسكك الحديدية الصدئة تتقاذفه دروب شائكة، تاه على خرائط مهترئة، ما زال يحملها في جيب سترته أينما رحل!! يظلل الحزن مرافئ غربته أعواماً.. يختزن قدرات بوحه أعواماً طويلة!! وبعد أن هجر الكتابة زمناً.. ضائعاً في محراب عزلته يفتش عن بدايات اللغة والحروف يرهن ذاته لما بقي من كلمات ما زالت تدلقها محبرته بفيض وتواصل!!
أنساه حواره مع كلماته.. البرد الذي يلف الغرفة!! عاد للتساؤل كيف ينتقي الكلمات.. طالعته صور قديمة ما زالت تسكن ذاكرته رغم السنوات العديدة.. وجه أمّه.. تجاعيد خديها تنبئ عن ثقل سنوات عمرها وهي تضع حبات القمح في وعاء كبير للماء ((الرقراق)) ثم تنقلها بجهدٍ... وبصوتِها المبحوح تدندن بأغاني حفظتها مبكراً... عن الغربة والحزن والترحال!! وهي تجلس على حجرةٍ سوداء كبيرة من عمر الأرض.. تنقّي حبات القمح من ((الدّريكيلة)) والزيوان والحصى الصغيرة.. كثيراً ما يتعرض لهذه المقارنة.. رغم التغييرات التي أحدثها الزمن على الأمكنة والناس والوجوه، مصراً على انتقاء ما يريد كتابته أو قوله! ((الحب وحده يجعلنا نعبر للآتي)) كما يعيش الإنسان مفتشاً عن حريته رغم الضيق.. هكذا أراد لكلماته أن تخترق قوقعة الصمت المخيم فوق جمالية الأشياء.. أدرك جيداً.. أن الذين يحفرون تحت جذور السنديانات القديمة على الضفاف والسفوح يقلعون امتداد الجذور.. ويفرشون بطن الأرض بعفونتهم!! يعلنون ببرودة دمٍ موت الحور والسنديان والأصالة والوجدان!!..؟
ضحك من سخرية القدر.. عاتباً على نفسه ((عليه أن يقلب الطاولة)) أن يدلق محبرته.. يطهّر حروفه!! زمنٌ يلتف عليه يشغل عذابات روحه.. يرتمي بإهمال خلف رطوبة غرفته ومكتب العمل بعيداً عن الناس!.. قذف بالقلم بعيداً.. ما الذي يجعله يعود الآن للكتابة بعد أن تمكن من هجرها... نافراً من الورق والكتب والأقلام!! إنها دعاء..؟! صوتُها على الهاتف ما زال يطن في أذنيه... حدّث نفسه ما زالت تحتفظ بصوت دافئ... سحبته ذاكرته سنواتٍ عديدة... حاول أن يستحضر صورتها... جاءته
متماوجة تحمل على شفتيها ابتسامة هادئة وهي تدخل مكتب العمل في صباح ربيعي جميل بخطوات مرحة... تتأبط أوراقاً في مصنف أخضر.. توزع بسماتها كفراشات ناعمة على جميع الموجودين في المكتب... ألقت تحية الصباح بخفة وعذوبة!! من منكم الأستاذ خليل؟...
تنحنح السيد خليل.. مسّد على شاربيه اللذين غزاهما البياض بوقار يساوي سنوات عمره... أنا يا آنسة.. أمر..؟ أنا الموظفة: ((دعاء عبد الكريم سالم)) وناولته أوراق قبولها في الوظيفة!! شعور بالبرد داهمه.. سرى في نقيّ عظامه.. ترك القلم.. سنوات طويلة وهو يحاول الإفلات من وجع الذاكرة.. أن يتخلص من ثقل الماضي.. وعندما بدأ يتأقلم مع حياته الجديدة سجين البيت والوظيفة أتت دعاء لتعيده دفعة واحدة إلى تلك الجروح والهزائم والمرارة شيئاً فشيئاً أخذت ذاكرته تجمع صور الماضي!.. خصرها الناحل يميل كطراوة نسيم الصباحات غمازتان ترقصان على سمرة خديها المعجونتان بلون القهوة... تذكّر كم سرقا معاً لحظات من السعادة والفرح.. يختفيان بلقاءات حميمة.. ياه.. يا لطعم قبلاتها.. مصَّ شفتيه.. رائحة الهيل بطعم الكرز.. لوجودها شذى البنفسج والياسمين.. يدوم عطرها حتى بعد رحيلها!! جاءه طيفها ناعماً طرياً لفه بهالة من الومض، أشعل داخله دفئاً.. ألواناً محببة.. دفعته للكتابة.. وقبل أن يبدأ..؟! عبر باب المطبخ وصلت إليه رائحة القهوة المحروقة.. فاضت على الموقد، نهض مسرعاً أطفأ الموقد، فتح النافذة.. غزارة المطر أراحت توتره!! تنشّق رائحة الأرض.. فتح كفيه.. راح يجمع قطرات باردة، غسل وجهه أحسَّ بانتعاش داخله المتيبّس، عاد إلى أوراقه منتشياً ناسياً القهوة والنافذة المفتوحة، ليبلل المطر أشياء الغرفة. طعم المطر دغدغ روحه –أسكر إخفاقاته- أشعره بالدفء الداخلي!! جلس خلف الطاولة من جديد، خيّم حولـه طيف والده كأنه يسمع تراتيل صلاته عند الفجر.. إنه الماضي، أشعل آلة التسجيل، انسابت من بين أصابعه موسيقى ناعمة، كلمات راحت تحفر داخله، تؤجج مشاعره، فاضت عيناه بالدمع..
((قلي ويش جابك عليّ... ويش ذكّرك فينا
عشرين عام انقضت... وإنت إللي ناسينا))
كم تحمل هذه الكلمات من الوجع، جعلته يلتصق بالصوت أكثر
((والقمر ملَّ السهر... ودَّع شواطينا))
فتح قوسين هو الذي يمقت الأقفاص الجاهزة ((إننا نحرق ذاتنا على الورق الذي يحترق بدوره)) قرأ على مفكرة مهملة ((انتبه ذكرى عيد الحب)) -((الحبُّ: أرق وأنبل كلمة قالتها الإنسانية، لتعبر عن بوح مشاعرها الداخلية))- علق على الكلمات: وهل بقي لنقاء الحب وطهارته مكان في دنيانا، استفذت الكلمات توحده الكتابي وجعلته أكثر ضيقاً من قبل... كمٌّ من التراكمات المغبرة والأوراق المهترئة أزاحتها أسئلة دعاء عبر أسلاك الهاتف بعد أن اطمأنت عليه قالت مداعبة ما زلت حياً يا نبيل!! وتعلم كم عانيتُ حتى حصلتُ على رقم هاتفك الجديد!! يا أنتِ من أين انبثق صوتك كوميض الفجر يبدد ظلمة الليل، قادماً عبر قفار الروح، مزّق صمتي، هزّ محراب عزلتي، أعاد إلي أوجاعي.. كيف ينفض كل هذا الكم من الغبار، ويزيل صدأ الزمن عن بقايا عمره بعد هذه السنوات من زمن المراحل..!!
تاه عن نبرات صوتها للوهلة الأولى: ((نصدأ إذا تجمد في داخلنا الشوق المتوهج..)) ردّد ببساطة وطيبة متهكماً: على الورق يا دعاء.. ما زلتُ حياً على الورق!! تابعت: اشتقت إليك إلى صوتك إلى كتاباتك إلى عالمك المتوحد بالحزن- إلى تعليقاتك الساخرة على الآخرين!! تذكر.. لكتاباتك طقوس مميزة تمنحك بطاقة دخول إلى قلبي عارياً إلا من الحب.
ترك القلم وراح يستعيد فواصل اللقاءات الحميمة معها!! تلك الصباحات التي أحب.. والمساءات التي علَّق عليها انتظارات قدرةِ!! وافترش لها أحلامه غطاء من الدفء والتواصل!! كلما اقترب منها اخترقته أنفاسها.. احتوته بشهية وسخونة، تفجر أوجاعه ملحمة من الكتابة والبوح المتوقد فكر قليلاً كأنه سمع صوتها وهي تشد على يده، عليك أن تزورنا في البيت.. همست بدلع الفتيات لم أعد أملك مبررات الرفض!!
أسئلة والدي الجارحة تطوّق عنقي.. أحياناً أشعر أنه يجرح كرامتي الشخصية أجلس بين يديه كأني متهمة.. التفتتْ إليه بعتب وشدّت على يده أكثر. وأنت!!.. تنهدتْ بضيق وتحفظ؟! آهٍ منك.. ومن زمانك الذي ننتظرهُ... تحلق في فضاءات غير مفيدة لا تهتم بالتوازنات المنطقية تتوسع في خصوبة خيالك ورحابته المطلقة تعيش الحلم. كان آخر لقاء بينهما بارداً.. خارجاً من ضيق الدنيا، تنبت على جوانبه أشواك جارحة، ترتجف كلمات الوداع على شفاهٍ أحرقها الشوق.. تمتمت وهي تنظر إلى فنجانها الفارغ.. إنك تهرب من لقاءاتي.. لم أعهدك تحب الهروب.. أغضبتهُ عبارتها الأخيرة.. انتفض.. كان الشباب يا دعاء وكانت المواجهات ((مقتل الحب أن نهرب ممن نحب)) وكما يقولون: "إذا دخل الفقر من الباب.. خرج الحب من النافذة"، عدم مصالحتنا مع الواقع جعلتنا نعيش خلف الزمن كأنه يراها للمرة الأولى تساءل ما هذا البريق الذي يشدّه في عينيها؟ إنكِ تشبهين قمر الربيع..
قاطعته بحدة: لا تهرب من أسئلتي وتسخر من قدرتي على كشف المجاملات. أسندت ظهرها إلى الكرسي المريح وتابعت: أنا أعرف أنك لم تعشق امرأة كما عشقتني.. لم تزل كلماتك محفورة بداخلي: إنكِ تشبهين المدن التي أحب يا دعاء...
لم أستطع تجاوز المسافات إليها.. هي تسكن داخلي، أرسم لها صوراً شتى.. أتخيل ملامح ناسها كما أحبهم!! في وجهك أرى وجه أمي.. وهي تعد خبز التنور في الصباحات الماطرة!! بحة صوتها تسكنني رغم أشواك المسافة الفاصلة بيننا!! وأنا تائه في مدن الضياع على أرصفة من قهر وترحال!! أتوحد مع تأملاتي أخترق أمكنة البوح مواصلاً قراءاتي الوجدانية ربما أكون بعض أغصان سنديان مزّقتها عواصف الخريف، وأنا بالكاد أحاول الخروج من مواسم القحط إلى عالم أوسع وأجمل، رحلتْ دعاء بصمت.. حتى دون وداع.. وراحت تغتسل على شواطئ من عطر البنفسج والياسمين وعندما لفظتها قساوة الحياة وعركتها عادت تحمل الماضي إليه!!
لقد غدرتْ بك الأيام.. لكنك ما زلتَ صلباً تسند قامتك كالرمح..!! ابتسم دون أن يعلّق.. طوقته بعينين تفيضان شوقاً كجمر المواقد القديمة.. تحرق سنوات الانتظار بداخلها!! كلما بعدت عنك أشعر بالضيق والاختناق.. أخذتني الغربة طويلاً وراحت تسقيني المرار بحلاوة التَّمسك بالموجود.. وعندما حاولت الخروج من قهر المساحات الضيقة بتُّ أشعر أن لون الدنيا رمادي يحيط بها ضباب مقيت.. مزّقت الدوائر المحيطة بي.. وعدت إليكَ فتشت أوراقك القديمة عنك!! وجهي للريح..
أمشي إليك عارية القدمين أنتقل على طرقات المدن التي تسكنك لعلك تحطم قيودي، أفرش بين يديك دفاتر أيامي، على شفتيك تنتشي كرامتي أنيناً من الترحال، حاول أن يفلت روحه من وجه عاطفتها...
زمنٌ يتيمٌ... أزمنة تفوح منها رائحة احتراق... إنهم يبنون صالات جديدة للرقص يقهرون الليل بصراخهم وضحكاتهم الخارجة من دنيا يلفها ضباب رمادي ينزلق بغربتنا عن الأرض والإنسان.. لا أخفيك حياتي تشبه أوراقاً مبعثرة.. كتبي يعلوها غبار الأزمنة الرديئة. أراد أن يتابع الكتابة.. أيتها المرأة المعتقة كخمور العنب في خوابٍ فخارية مركونة بزوايا البيوت الطينية لصباحاتك المعطرة، إنك المسافة بين عمري والحياة.. إني أعيش بلا ذاكرة.. بلا تواصل خلف وهم التراكمات لزمن كنت أريده يحيا بنا نعيش فواصله الدقيقة، ننحته من صخر، نحرث أرضه، نزرعها بحب.. تُنبت اخضراراً.. نفرش دروبها عشقاً متوهجاً.. لقد أسقطوا عنا نبوءات المستقبل، جعلوه يرتدي أثواب الماضي قمصاناً بألوان غامضة تميل للسواد، أشهروه علينا جميلاً وجعلوه ستاراً للمراحل القادمة. أخفق في إيجاد الكلمات المناسبة.. تراءت له دعاء بقامتها المديدة شعرها الذي يشبه سنابل القمح.. اندهش لأنه شاهدها ذابلة كوردة قست عليها شمس الظهيرة، غدت بين يديه كتلة من شوق إلى رجل ودفء سرير يلملم بقاياها..!! راحت تتكلم وعيناها تومضان كسماء غسلها مطر الربيع.. انتعشت كالأرض بعد المطر..!! كل ما أفقده في ضوضاء هذا العالم المتحضر أجده في عالمك المهمل أيها الصديق العنيد، لقد طفت العديد من المدن والمرافئ وحضرتُ مهرجانات عديدة واستمعت إلى خطابات طويلة!! لقد أنساني الزمن أنني أنثى وعليّ الاهتمام بأناقتي وعطري وألوان ثيابي!! وإن قطار الزواج تركني منسية على محطات خالية إلا من مراقب السكك الحديدية..!!
جسدي الوحيد لـه حرية الحركة والتنقل.. داخلي مقيد.. ينثر دمي تحت صليل سيوف بلا وميض تتخبط بالصدأ. تتلمس حياتنا أيادٍ سوداء.. خارجة من الواقع باستهزاء مقيت يندس في مشاعرنا. إنهم يحرقون إحساسنا بالنطق! يلونون الأشياء في عيوننا، يحاولون حصر انكساراتنا المتواصلة، تذكّر أشياء قرأها ((أنا آتٍ لأنطق بفمكم.. فوحدوا عبر الأرض جميع الشفاه الصامتة..)) وجد نفسه متفجراً.. مدّت يدها إليه وراحت تقطع المسافات لتصل!! شعوره أقلقه، لكنك ما زلت تحتفظين بلمسة سحر وجمال.. يا دعاء!!
حدّقت في وجهه!! لم أعرفك تتقن فنَّ الكذب.. يبدو أنك تظن أنني كالأخريات اللواتي يحببن الغزل والتملق.. نعم معك حق..
لقد نهبت المدينة داخلنا، جردتنا من جمالية الروح.
إننا نحمل إخفاقاتنا صبراً تضجُّ به محابرنا.. أشياء كثيرة انتظرنا حدوثها، اندثرت تحت زمن عقيم.. ولم يبق لنا إلا صدى الانتظارات وأشعل لفافة من تبغٍ رديء.. تنبه للشمعة التي أخذت تفقد طولها..!!
كتب من جديد: أيتها المرأة المعجونة بالحزن، على جسدك وشم العادات. تلاحقك نظرات العيون الجارحة، تنفلتين من أطواق الأسئلة.. ماذا تنتظرين من رجل تجاوز عمره... ترك القلم.. تمشى في أرض الغرفة.. راح يقيس المسافات بين الطاولة والنافذة.. تذكر أن النافذة ما زالت مفتوحة.. وأرض الغرفة بللها المطر.. أغلق النافذة ثم عاد إلى أسئلته علّه يجد أجوبة تريحه.
لماذا ينتهي نور الشمعة عندما نكون بأمس الحاجة إلى الضوء؟
لماذا تغادرنا الشمس ونحن بحاجة إلى الدفء..؟
لماذا يسرقون فرحنا وأحلامنا حتى الصغيرة منها..؟
يركلون بأقدامهم سنوات عمرنا على جرف محدب. يتمتعون بدمنا المباح. ها أنا ما زلت أجمع أصوات الخيبة لأقلام لا تستريح. أخرج أوراقاً بيضاء جديدة.. أشعل شمعة ثانية وتابع الكتابة يعصره الألم.. اخرجي من عالمي.. الدروب تقترن بنهاياتها.. إننا نعيش في زمن يضيق على ناسه ولا مكان فيه يتسع للحب...
&&&& موضوع مقتبس &&&&
صمتٌ يلف صقيع الغرفة... تسلل من سريره، أنفره البرد، فرك يديه وتساءل ما هذه الليلة الباردة؟.. ربما الريح العاصفة قطعت سلك الكهرباء، دافعٌ ما أيقظه من كوابيس نومه.. مدّ خطواته على مهلٍ حتى لا يزعج أحداً.. تلمّس الطاولة الخشبية، أخرج شمعةً. أضاء نورها الباهت المكان، حاول أن يشعل المدفأة.. نقر على وعاء المازوت.. سمع طنين فراغه، تمتم بشتائم ثم ركل المدفأة بقدمه ((حتى أنتِ)) تناول غطاءً سميكاً وضعه على كتفيه، جلس خلف الطاولة، فتح الدرج الأخير ((زمان لم يكتب)) أخرج أوراقاً... نفض عنها غباراً رمادياً... فرشها على الطاولة... وقبل أن يبدأ الكتابة دخل المطبخ، أراد أن يجهّز قهوته، أشعل الموقد... وعاد إلى الطاولة والورق... لغتي هي لغتي التي أريدها متوهجة... ((تجتاز خوف الأمكنة وعقبات الأزمنة القلقة بخطواتٍ ثابتة))، تنبض بداخلي، أحمّلها مشاعري وأشيائي اللصيقة بي!!
تتدفق كنهرٍ يتمرّد على بقايا الوحل والطحالب السامة.. يجري ماء دافقاً.. يخترق مدن الصمت.. يغسل حزن ناسها، يرسم عليها ضحكاتٍ غابت طويلاً!! يُعلن عن ولادات جديدة للحروف الممكن أن يُباح بها على بياض الورق.. كم تناقلته محطات مغبّرة واجتاز آلاف الكيلو مترات للسكك الحديدية الصدئة تتقاذفه دروب شائكة، تاه على خرائط مهترئة، ما زال يحملها في جيب سترته أينما رحل!! يظلل الحزن مرافئ غربته أعواماً.. يختزن قدرات بوحه أعواماً طويلة!! وبعد أن هجر الكتابة زمناً.. ضائعاً في محراب عزلته يفتش عن بدايات اللغة والحروف يرهن ذاته لما بقي من كلمات ما زالت تدلقها محبرته بفيض وتواصل!!
أنساه حواره مع كلماته.. البرد الذي يلف الغرفة!! عاد للتساؤل كيف ينتقي الكلمات.. طالعته صور قديمة ما زالت تسكن ذاكرته رغم السنوات العديدة.. وجه أمّه.. تجاعيد خديها تنبئ عن ثقل سنوات عمرها وهي تضع حبات القمح في وعاء كبير للماء ((الرقراق)) ثم تنقلها بجهدٍ... وبصوتِها المبحوح تدندن بأغاني حفظتها مبكراً... عن الغربة والحزن والترحال!! وهي تجلس على حجرةٍ سوداء كبيرة من عمر الأرض.. تنقّي حبات القمح من ((الدّريكيلة)) والزيوان والحصى الصغيرة.. كثيراً ما يتعرض لهذه المقارنة.. رغم التغييرات التي أحدثها الزمن على الأمكنة والناس والوجوه، مصراً على انتقاء ما يريد كتابته أو قوله! ((الحب وحده يجعلنا نعبر للآتي)) كما يعيش الإنسان مفتشاً عن حريته رغم الضيق.. هكذا أراد لكلماته أن تخترق قوقعة الصمت المخيم فوق جمالية الأشياء.. أدرك جيداً.. أن الذين يحفرون تحت جذور السنديانات القديمة على الضفاف والسفوح يقلعون امتداد الجذور.. ويفرشون بطن الأرض بعفونتهم!! يعلنون ببرودة دمٍ موت الحور والسنديان والأصالة والوجدان!!..؟
ضحك من سخرية القدر.. عاتباً على نفسه ((عليه أن يقلب الطاولة)) أن يدلق محبرته.. يطهّر حروفه!! زمنٌ يلتف عليه يشغل عذابات روحه.. يرتمي بإهمال خلف رطوبة غرفته ومكتب العمل بعيداً عن الناس!.. قذف بالقلم بعيداً.. ما الذي يجعله يعود الآن للكتابة بعد أن تمكن من هجرها... نافراً من الورق والكتب والأقلام!! إنها دعاء..؟! صوتُها على الهاتف ما زال يطن في أذنيه... حدّث نفسه ما زالت تحتفظ بصوت دافئ... سحبته ذاكرته سنواتٍ عديدة... حاول أن يستحضر صورتها... جاءته
متماوجة تحمل على شفتيها ابتسامة هادئة وهي تدخل مكتب العمل في صباح ربيعي جميل بخطوات مرحة... تتأبط أوراقاً في مصنف أخضر.. توزع بسماتها كفراشات ناعمة على جميع الموجودين في المكتب... ألقت تحية الصباح بخفة وعذوبة!! من منكم الأستاذ خليل؟...
تنحنح السيد خليل.. مسّد على شاربيه اللذين غزاهما البياض بوقار يساوي سنوات عمره... أنا يا آنسة.. أمر..؟ أنا الموظفة: ((دعاء عبد الكريم سالم)) وناولته أوراق قبولها في الوظيفة!! شعور بالبرد داهمه.. سرى في نقيّ عظامه.. ترك القلم.. سنوات طويلة وهو يحاول الإفلات من وجع الذاكرة.. أن يتخلص من ثقل الماضي.. وعندما بدأ يتأقلم مع حياته الجديدة سجين البيت والوظيفة أتت دعاء لتعيده دفعة واحدة إلى تلك الجروح والهزائم والمرارة شيئاً فشيئاً أخذت ذاكرته تجمع صور الماضي!.. خصرها الناحل يميل كطراوة نسيم الصباحات غمازتان ترقصان على سمرة خديها المعجونتان بلون القهوة... تذكّر كم سرقا معاً لحظات من السعادة والفرح.. يختفيان بلقاءات حميمة.. ياه.. يا لطعم قبلاتها.. مصَّ شفتيه.. رائحة الهيل بطعم الكرز.. لوجودها شذى البنفسج والياسمين.. يدوم عطرها حتى بعد رحيلها!! جاءه طيفها ناعماً طرياً لفه بهالة من الومض، أشعل داخله دفئاً.. ألواناً محببة.. دفعته للكتابة.. وقبل أن يبدأ..؟! عبر باب المطبخ وصلت إليه رائحة القهوة المحروقة.. فاضت على الموقد، نهض مسرعاً أطفأ الموقد، فتح النافذة.. غزارة المطر أراحت توتره!! تنشّق رائحة الأرض.. فتح كفيه.. راح يجمع قطرات باردة، غسل وجهه أحسَّ بانتعاش داخله المتيبّس، عاد إلى أوراقه منتشياً ناسياً القهوة والنافذة المفتوحة، ليبلل المطر أشياء الغرفة. طعم المطر دغدغ روحه –أسكر إخفاقاته- أشعره بالدفء الداخلي!! جلس خلف الطاولة من جديد، خيّم حولـه طيف والده كأنه يسمع تراتيل صلاته عند الفجر.. إنه الماضي، أشعل آلة التسجيل، انسابت من بين أصابعه موسيقى ناعمة، كلمات راحت تحفر داخله، تؤجج مشاعره، فاضت عيناه بالدمع..
((قلي ويش جابك عليّ... ويش ذكّرك فينا
عشرين عام انقضت... وإنت إللي ناسينا))
كم تحمل هذه الكلمات من الوجع، جعلته يلتصق بالصوت أكثر
((والقمر ملَّ السهر... ودَّع شواطينا))
فتح قوسين هو الذي يمقت الأقفاص الجاهزة ((إننا نحرق ذاتنا على الورق الذي يحترق بدوره)) قرأ على مفكرة مهملة ((انتبه ذكرى عيد الحب)) -((الحبُّ: أرق وأنبل كلمة قالتها الإنسانية، لتعبر عن بوح مشاعرها الداخلية))- علق على الكلمات: وهل بقي لنقاء الحب وطهارته مكان في دنيانا، استفذت الكلمات توحده الكتابي وجعلته أكثر ضيقاً من قبل... كمٌّ من التراكمات المغبرة والأوراق المهترئة أزاحتها أسئلة دعاء عبر أسلاك الهاتف بعد أن اطمأنت عليه قالت مداعبة ما زلت حياً يا نبيل!! وتعلم كم عانيتُ حتى حصلتُ على رقم هاتفك الجديد!! يا أنتِ من أين انبثق صوتك كوميض الفجر يبدد ظلمة الليل، قادماً عبر قفار الروح، مزّق صمتي، هزّ محراب عزلتي، أعاد إلي أوجاعي.. كيف ينفض كل هذا الكم من الغبار، ويزيل صدأ الزمن عن بقايا عمره بعد هذه السنوات من زمن المراحل..!!
تاه عن نبرات صوتها للوهلة الأولى: ((نصدأ إذا تجمد في داخلنا الشوق المتوهج..)) ردّد ببساطة وطيبة متهكماً: على الورق يا دعاء.. ما زلتُ حياً على الورق!! تابعت: اشتقت إليك إلى صوتك إلى كتاباتك إلى عالمك المتوحد بالحزن- إلى تعليقاتك الساخرة على الآخرين!! تذكر.. لكتاباتك طقوس مميزة تمنحك بطاقة دخول إلى قلبي عارياً إلا من الحب.
ترك القلم وراح يستعيد فواصل اللقاءات الحميمة معها!! تلك الصباحات التي أحب.. والمساءات التي علَّق عليها انتظارات قدرةِ!! وافترش لها أحلامه غطاء من الدفء والتواصل!! كلما اقترب منها اخترقته أنفاسها.. احتوته بشهية وسخونة، تفجر أوجاعه ملحمة من الكتابة والبوح المتوقد فكر قليلاً كأنه سمع صوتها وهي تشد على يده، عليك أن تزورنا في البيت.. همست بدلع الفتيات لم أعد أملك مبررات الرفض!!
أسئلة والدي الجارحة تطوّق عنقي.. أحياناً أشعر أنه يجرح كرامتي الشخصية أجلس بين يديه كأني متهمة.. التفتتْ إليه بعتب وشدّت على يده أكثر. وأنت!!.. تنهدتْ بضيق وتحفظ؟! آهٍ منك.. ومن زمانك الذي ننتظرهُ... تحلق في فضاءات غير مفيدة لا تهتم بالتوازنات المنطقية تتوسع في خصوبة خيالك ورحابته المطلقة تعيش الحلم. كان آخر لقاء بينهما بارداً.. خارجاً من ضيق الدنيا، تنبت على جوانبه أشواك جارحة، ترتجف كلمات الوداع على شفاهٍ أحرقها الشوق.. تمتمت وهي تنظر إلى فنجانها الفارغ.. إنك تهرب من لقاءاتي.. لم أعهدك تحب الهروب.. أغضبتهُ عبارتها الأخيرة.. انتفض.. كان الشباب يا دعاء وكانت المواجهات ((مقتل الحب أن نهرب ممن نحب)) وكما يقولون: "إذا دخل الفقر من الباب.. خرج الحب من النافذة"، عدم مصالحتنا مع الواقع جعلتنا نعيش خلف الزمن كأنه يراها للمرة الأولى تساءل ما هذا البريق الذي يشدّه في عينيها؟ إنكِ تشبهين قمر الربيع..
قاطعته بحدة: لا تهرب من أسئلتي وتسخر من قدرتي على كشف المجاملات. أسندت ظهرها إلى الكرسي المريح وتابعت: أنا أعرف أنك لم تعشق امرأة كما عشقتني.. لم تزل كلماتك محفورة بداخلي: إنكِ تشبهين المدن التي أحب يا دعاء...
لم أستطع تجاوز المسافات إليها.. هي تسكن داخلي، أرسم لها صوراً شتى.. أتخيل ملامح ناسها كما أحبهم!! في وجهك أرى وجه أمي.. وهي تعد خبز التنور في الصباحات الماطرة!! بحة صوتها تسكنني رغم أشواك المسافة الفاصلة بيننا!! وأنا تائه في مدن الضياع على أرصفة من قهر وترحال!! أتوحد مع تأملاتي أخترق أمكنة البوح مواصلاً قراءاتي الوجدانية ربما أكون بعض أغصان سنديان مزّقتها عواصف الخريف، وأنا بالكاد أحاول الخروج من مواسم القحط إلى عالم أوسع وأجمل، رحلتْ دعاء بصمت.. حتى دون وداع.. وراحت تغتسل على شواطئ من عطر البنفسج والياسمين وعندما لفظتها قساوة الحياة وعركتها عادت تحمل الماضي إليه!!
لقد غدرتْ بك الأيام.. لكنك ما زلتَ صلباً تسند قامتك كالرمح..!! ابتسم دون أن يعلّق.. طوقته بعينين تفيضان شوقاً كجمر المواقد القديمة.. تحرق سنوات الانتظار بداخلها!! كلما بعدت عنك أشعر بالضيق والاختناق.. أخذتني الغربة طويلاً وراحت تسقيني المرار بحلاوة التَّمسك بالموجود.. وعندما حاولت الخروج من قهر المساحات الضيقة بتُّ أشعر أن لون الدنيا رمادي يحيط بها ضباب مقيت.. مزّقت الدوائر المحيطة بي.. وعدت إليكَ فتشت أوراقك القديمة عنك!! وجهي للريح..
أمشي إليك عارية القدمين أنتقل على طرقات المدن التي تسكنك لعلك تحطم قيودي، أفرش بين يديك دفاتر أيامي، على شفتيك تنتشي كرامتي أنيناً من الترحال، حاول أن يفلت روحه من وجه عاطفتها...
زمنٌ يتيمٌ... أزمنة تفوح منها رائحة احتراق... إنهم يبنون صالات جديدة للرقص يقهرون الليل بصراخهم وضحكاتهم الخارجة من دنيا يلفها ضباب رمادي ينزلق بغربتنا عن الأرض والإنسان.. لا أخفيك حياتي تشبه أوراقاً مبعثرة.. كتبي يعلوها غبار الأزمنة الرديئة. أراد أن يتابع الكتابة.. أيتها المرأة المعتقة كخمور العنب في خوابٍ فخارية مركونة بزوايا البيوت الطينية لصباحاتك المعطرة، إنك المسافة بين عمري والحياة.. إني أعيش بلا ذاكرة.. بلا تواصل خلف وهم التراكمات لزمن كنت أريده يحيا بنا نعيش فواصله الدقيقة، ننحته من صخر، نحرث أرضه، نزرعها بحب.. تُنبت اخضراراً.. نفرش دروبها عشقاً متوهجاً.. لقد أسقطوا عنا نبوءات المستقبل، جعلوه يرتدي أثواب الماضي قمصاناً بألوان غامضة تميل للسواد، أشهروه علينا جميلاً وجعلوه ستاراً للمراحل القادمة. أخفق في إيجاد الكلمات المناسبة.. تراءت له دعاء بقامتها المديدة شعرها الذي يشبه سنابل القمح.. اندهش لأنه شاهدها ذابلة كوردة قست عليها شمس الظهيرة، غدت بين يديه كتلة من شوق إلى رجل ودفء سرير يلملم بقاياها..!! راحت تتكلم وعيناها تومضان كسماء غسلها مطر الربيع.. انتعشت كالأرض بعد المطر..!! كل ما أفقده في ضوضاء هذا العالم المتحضر أجده في عالمك المهمل أيها الصديق العنيد، لقد طفت العديد من المدن والمرافئ وحضرتُ مهرجانات عديدة واستمعت إلى خطابات طويلة!! لقد أنساني الزمن أنني أنثى وعليّ الاهتمام بأناقتي وعطري وألوان ثيابي!! وإن قطار الزواج تركني منسية على محطات خالية إلا من مراقب السكك الحديدية..!!
جسدي الوحيد لـه حرية الحركة والتنقل.. داخلي مقيد.. ينثر دمي تحت صليل سيوف بلا وميض تتخبط بالصدأ. تتلمس حياتنا أيادٍ سوداء.. خارجة من الواقع باستهزاء مقيت يندس في مشاعرنا. إنهم يحرقون إحساسنا بالنطق! يلونون الأشياء في عيوننا، يحاولون حصر انكساراتنا المتواصلة، تذكّر أشياء قرأها ((أنا آتٍ لأنطق بفمكم.. فوحدوا عبر الأرض جميع الشفاه الصامتة..)) وجد نفسه متفجراً.. مدّت يدها إليه وراحت تقطع المسافات لتصل!! شعوره أقلقه، لكنك ما زلت تحتفظين بلمسة سحر وجمال.. يا دعاء!!
حدّقت في وجهه!! لم أعرفك تتقن فنَّ الكذب.. يبدو أنك تظن أنني كالأخريات اللواتي يحببن الغزل والتملق.. نعم معك حق..
لقد نهبت المدينة داخلنا، جردتنا من جمالية الروح.
إننا نحمل إخفاقاتنا صبراً تضجُّ به محابرنا.. أشياء كثيرة انتظرنا حدوثها، اندثرت تحت زمن عقيم.. ولم يبق لنا إلا صدى الانتظارات وأشعل لفافة من تبغٍ رديء.. تنبه للشمعة التي أخذت تفقد طولها..!!
كتب من جديد: أيتها المرأة المعجونة بالحزن، على جسدك وشم العادات. تلاحقك نظرات العيون الجارحة، تنفلتين من أطواق الأسئلة.. ماذا تنتظرين من رجل تجاوز عمره... ترك القلم.. تمشى في أرض الغرفة.. راح يقيس المسافات بين الطاولة والنافذة.. تذكر أن النافذة ما زالت مفتوحة.. وأرض الغرفة بللها المطر.. أغلق النافذة ثم عاد إلى أسئلته علّه يجد أجوبة تريحه.
لماذا ينتهي نور الشمعة عندما نكون بأمس الحاجة إلى الضوء؟
لماذا تغادرنا الشمس ونحن بحاجة إلى الدفء..؟
لماذا يسرقون فرحنا وأحلامنا حتى الصغيرة منها..؟
يركلون بأقدامهم سنوات عمرنا على جرف محدب. يتمتعون بدمنا المباح. ها أنا ما زلت أجمع أصوات الخيبة لأقلام لا تستريح. أخرج أوراقاً بيضاء جديدة.. أشعل شمعة ثانية وتابع الكتابة يعصره الألم.. اخرجي من عالمي.. الدروب تقترن بنهاياتها.. إننا نعيش في زمن يضيق على ناسه ولا مكان فيه يتسع للحب...
&&&& موضوع مقتبس &&&&
رد: لا مكان يتسع للحب
جميل اوي
تسلم الايادي
تسلم الايادي
نظرة وداع- عضو ماسي
- عدد المساهمات : 2559
العمر : 33
العمل/الترفيه : طالبة
المزاج : قول من النهاردة خلاص يا هموم مش هتبكي عيونا في يوم غير دموع الفرحة وبس
تاريخ الميلاد : 20/04/1991
تاريخ التسجيل : 14/04/2010
رد: لا مكان يتسع للحب
تسلم عليه
moon light- عضو ماسي
- عدد المساهمات : 1350
العمر : 33
الموقع : ourscience
العمل/الترفيه : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
المزاج : ♥ استغفــــــر الله العظيم و’أتوب إليـه ♥
تاريخ الميلاد : 01/11/1991
تاريخ التسجيل : 25/08/2010
مواضيع مماثلة
» معنى جديد للحب
» دعــــــ للحب ـــــــوة
» تعريفات عجيبة للحب
» أجمل مكان في العالم
» مكان لم يتوقع احد السجود فيه
» دعــــــ للحب ـــــــوة
» تعريفات عجيبة للحب
» أجمل مكان في العالم
» مكان لم يتوقع احد السجود فيه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى